كل الأمور تزداد سوءً بالنسبة لصربيا ، فبغض النظر عن التوتر في العلاقات الصربية
/ النمساوية المجرية ، وبغض النظر عن الفارق بين البلدين ، فلا يتصور أحدٌ أن يقتل
الأرشيدوق فرانز فرديناند ـ ولي عهد النمسا ـ فلعله الوحيد في النمسا الذي يتعاطف
مع الصربيين ، ويميل إليهم ، ويستطيع أن يعاونهم ـ أي الصربيين ـ على بلوغ أهدافهم
، بفضل جمعية ارهابية متطرفة تهدف إلى توحيد الصربيين تسمى " السد الأسود
" ..
لم تكن حكومة النمسا المجر راضية عن ولي عهدها الراحل ، بما أنه يميل إلى
الصربيين ويتعاطف معهم ، لذا فقد استراحوا لاغتياله في سراجيفو ، لكن كان على فينا
أن تقتنص هذه الفرصة للانتقام من صربيا ..
أرسلت النمسا المجر في 23 تموز ـ يوليو 1914 م إنذارا إلى بلجراد وعشرة
شروط لإنهاء الأزمة منها : البحث عن المتواطئين في الاعتداء ، ومعاقبتهم ، وحل
الجمعيات السرية وعلى رأسها جمعية " السد الأسود " ، واشتراك الشرطة
النمساوية في التحقيقات .. وقبلت صربيا كافة الشروط إلا الأخيرة ..
ـ وكانت النتيجة في 28 تموز ـ يوليو 1914 م ، اعلان النمسا المجر الحرب على
صربيا ..
ـ وفي اليوم التالي : 29 تموز ـ يوليو ،
أعلنت روسيا التعبئة العامة دفاعا عن صربيا التي قالت سابقا في شأنها " أنها
لن تسمح بسحق الشعب السلافي الصغير " ، لكن كان هدف روسيا الحد من توغل
النمسا في البلقان ..
ـ وفي اليوم التالي : 30 تموز ـ يوليو ،
بوشر أمر التعبئة والتجنيد في روسيا ..
ـ وفي اليوم التالي : 31 تموز ـ يوليو ،
حذرت ألمانيا روسيا ، وطالبتها بإلغاء التعبئة العامة في جيشها ضد النمسا المجر ،
ولم ترد عليها روسيا ..
ـ وفي اليوم التالي : الأول من آب ـ أغسطس
، أعلنت ألمانيا التعبئة العامة ضد روسيا وانضمامها إلى جانب النمسا المجر ..
ـ وفي اليوم التالي : 2 آب ـ أغسطس ، أعلنت
فرنسا الانضمام للمعسكر الروسي ضد النمسا المجر / المانيا ..
ـ وفي اليوم التالي : 3 آب ـ أغسطس ، أعلنت
ألمانيا الحرب على فرنسا ، وهنا انقسمت القوى المتحاربة إلى معسكرين :
المحور : وهو محور ألمانيا والنمسا المجر ..
الحلفاء : وهو حلف روسيا وفرنسا وصربيا ..
كانت انجلترا على الحياد لولا انتهاك ألمانيا لحياد بلجيكا باجتياحها
للوصول لباريس بطريقة ميسرة وفقا لخطة شليفن الألمانية ، فأعلنت انجلترا الحرب على
ألمانيا في 4 آب ـ اغسطس 1914 م مما يؤثر على أمن انجلترا على البحر ..
كانت ايطاليا رغم تحالفها مع ألمانيا / النمسا المجر ، إلا أنها دخلت الحرب
متأخرا ، حيث آثرت ألا تخوض حربا قبل أن تتضح معالم الحرب ، كذلك تركيا انضمت لدول
المحور متأخرا ، في تشرين أول ـ أكتوبر 1914 م بسبب عدائها التاريخي لروسيا ،
ووفاقها المتنامي مع ألمانيا ، وازداد الحلفاء في صفوفهم دولا أخرى مثل اليابان ، والجبل
الأسود ، ورومانيا ، والولايات المتحدة الامريكية ، واليونان ، والبرتغال ، والصين
، بينما ازداد المحور في صفوفهم بلغاريا ..
ودامت الحرب لـ أربع سنين قتل فيها الألوف المؤلفة ، وخرجت روسيا من الحرب
مبكرا عام 1917 م بسبب الثورة البلشيفية
داخلها ، وانتهت عام 1918 م الحرب باستسلام المحور أمام جيش الحلفاء ..